يُفضل بعض المتخصصين في وقتنا الراهن مفهوم العمل الحر على مفهوم العمل التقليدي، بحيث لايرتبط المتخصص بأوقات أو مكان للدوام، ومايربطه فقط هو مدة تنفيذ المشروع وإنجاز طلبات العميل بالشكل المطلوب. وعلى الجانب الآخر، يرى بعض المتخصصين أن العمل التقليدي أفضل، فعلى الرغم من وجود الكثير من القيود إلا أن الضمان المادي هو المطلب الأساسي في هذه الحالة.

وبعيداً عن انقسام المتخصصين بين مؤيد ومعارض لأسلوب العمل الحر، توجد ضوابط مُعينة يجب أن يتقيّد بها أي شخص يرغب بالدخول إلى عالم العمل الحر.
فهذه الضوابط هي المفتاح الأساسي لتجنب العديد من المشاكل الشائعة التي تحصل بين المتخصص والعميل، لأن بعض الأمور البديهية بالنسبة للمتخصص هي أمور مُبهمة بالنسبة للعميل وبعض الطلبات التي تكون واضحة لدى العميل – لأنه صاحب الطلب – قد تكون غير واضحة عند المتخصص.
عندما يستلم المتخصص طلب العمل بطريقة أو بأُخرى، قد لاتتوفر معلومات تفصيلية حول المشروع المطلوب، فمن الممكن أن يكتفي العميل بكتابة “إنشاء نظام لتسجيل الدخول”، وهذا الطلب بحد ذاته يحتوي على العديد من الاحتمالات، فمن الممكن أن يكون نظام لتسجيل الدخول عن طريق البريد الإلكتروني، أو ممكن أن يتوسع الاحتمال ليشمل تسجيل الدخول عن طريق الشبكات الإجتماعية مثل فيسبوك وتويتر، وهنا تزيد ساعات العمل ويزيد الجهد المبذول من قِبل المتخصص.
لذا ولتوفير عناء هذا النوع من اللغط يحتاج المتخصص إلى سؤال العميل عن كل نقطة بالتفصيل، ومن الأفضل أن يتم كتابة هذه النقطة من قبل المتخصص أولاً ومن ثم يُطلب من العميل أن يُرسل ماتم شرحه برسالة بريدية لكي تكون مرجع على كلام العميل. فلو تم الاتفاق على هذا النوع من النقاط عن طريق سكايب مثلاً، فمن السهل جداً أن يقول العميل في المستقبل أن الطلب لم يُنجز كما تم شرحه، ودون وجود شيء مكتوب من قبل العميل، لايُمكن للمتخصص أن يُطالب بحقه أو يعترض.
من المشاكل الأُخرى التي قد تواجه المتخصص هي الوقت، فمن الأفضل دائماً أن يقوم المتخصص بزيادة أسبوع واحد أو عشرة أيام على مدة إنجاز المشروع. ففي حال إمكانية إتمام المشروع خلال شهر واحد، يمكن إخبار العميل أن المشروع ينتهى خلال شهر وأسبوع على الأكثر وبهذه الطريقة يُعطي المتخصص نفسه وقت أكثر ويتخلص بالتالي من أكثر الأمور التي تُسبب الضغط عليه. وفي حال إنتهاء المشروع خلال شهر، فالمتخصص كسب في هذه الحالة أسبوع، وهو مايجعل العميل راضي تماماً عن هذ التعامل.
جميع النقاط التي ذُكرت في السابق تصب في مصلحة المتخصص، ولكن يجب الأخذ بالاعتبار أن النظر إلى مفهوم العمل الحر من زاوية واحدة هو من الأمور التي تؤدي إلى فشل المتخصص في خوض غمار هذا المجال. فكما تتوفر شروط عند المُتخصص، يجب أن تتوفر شروط أيضاً للعميل. ولنأخذ على سبيل المثال الحديث عن موضوع المدة الزمنية لإنجاز المشروع، حيث يُمكن إضافة بند يقضي بخصم مبلغ من المال مُقابل كل يوم يتأخر فيه المتخصص عن تسليم المشروع في الموعد المحدد وبالتالي يلتزم المتخصص في هذه الحالة ولايرى نفسه أنه صاحب الحق المُطلق في هذا العمل، وأن الكفة تميل إلى صفّه في عمله اليومي.
في خمسات يختلف الأمر قليلاً، فالمتخصص (البائع) الذي يُقدم الخدمة يشرح بدقّة ماهي الخدمة وماهي النتائج المتوقعة عند شرائها بالإضافة إلى تحديد مدة التنفيذ. وكذلك الأمر بالنسبة للعميل (المشتري) طالب الخدمة، حيث يشرح طلبه بشكل كامل لكي يتمكن مُقدم الخدمة من معرفة إذا كان الشخص المناسب لها. ويُمثل خمسات الخطوة الأولى لمعظم المتخصصين الراغبين بدخول عالم العمل الحر، بل ويقدم حلول لأهم مشاكل العمل الحر التي ذكرناها سابقاً، وهو مايجعل منه الخيار الأمثل للراغبين بدخول عالم العمل الحر والاستمرار فيه.
في النهاية لايمكن اعتبار الضوابط المذكورة مُطلقة، فمن الممكن أن تتوفر ضوابط أكثر في مجال العمل الحر. ولكن يُمكن الاعتبار أنها الأساسيات لأي مُبتدئ في هذا المجال. فلو كان مجال العمل الحر دون ضوابط أو قيود، لانتقل مُعظم المتخصصين إليه تاركين وراءهم مفهوم العمل التقليدي والضمان المادي، فجميعنا يبحث عن حياة خالية من التعقيد والقيود عندما يتعلق الأمر في المكسب المادي.